البعث والمعاد :
المعاد هو خامس أصول الدين عند الشيعة، فيقولون بأن الله «يبعث الناس بعد الموت في خلق جديد في اليوم الموعود به عباده، فيثيب المطيعين ويعذب العاصين»،[102] ومما يجب اعتقاده في المعاد هو وجوب الاعتقاد بالمعاد الجسماني، «ومنكره منكر لضرورة الدين، وخارج عن ربقة المسلمين»،[103] وينكرون على من لا يعتقد بالمعاد الجسماني، فأحمد الأحسائي - مثلاً - نُسب إليه القول بإنكار المعاد الجسماني؛ مما دعى كثيراً من الشيعة الإثني عشريَّة للحكم عليه بالخروج والانحراف عن العقيدة الشيعية الإثني عشريَّة لأن «إنكار ما علم ضرورة من مذهب الإماميَّة فهو يلحق فاعله بالمخالفين، ويخرجه عن التديُّن بدين الأئمة الطاهرين»،[104] فصاروا يسمون أتباعه بالفرقة الشيخيَّة6 حتى يميزوها عن الشيعة الإثني عشريَّة،[105] فيما دافع آخرون عنه مؤكدين وجوب الإيمان بالمعاد الجسماني، ومؤكِّدين اعتقاد الأحسائي بالمعاد الجسماني، وعدم انحرافه عمَّا عليه الشيعة الإثني عشرية، ومبدين رفضهم إلى عزل الشيخية عن الشيعة الإثني عشريَّة ومؤكدين عدم اختلافهم مع بقية الإثني عشرية، وأورد بعضهم عبارات أعلام الشيعة وكبار فقهائهم لإثبات موافقة بقية علماء التشيع للأحسائي.[106]
ويعرفون المعاد الجسماني بأنه «إعادة الإنسان في يوم البعث والنشور ببدنه بعد الخراب، وإرجاعه إلى هيئته الأولى بعد أن يصبح رميما»، ولا يوجبون الاعتقاد في تفصيلات المعاد الجسماني أكثر من ذلك. ويستدلُّون على المعاد الجسماني بآيات من القرآن منها ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ3بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ4﴾ [75:3—4]، و﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [13:5]، و﴿وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ﴾ [50:14].[107]
فيعتقدون بأنَّ عقيدة المعاد بهذه البساطة، ولا ينبغي الخوض في تفاصيلها، ومن يتجاوز هذه البساطة إلى البحث في تفاصيلها فإن «فإنه إنما يجني على نفسه ويقع في مشكلات ومنازعات لا نهاية لها. وليس في الدين ما يدعو إلى مثل هذه التفصيلات»، ويبررون ذلك «بقصور الإنسان عن إدراك هذه الأمور الغائبة».[108]
القرآن :
يعتقد الشيعة الإثني عشريَّة بأنَّ القرآن هو «الوحي الإلهي المنزل» على النبي محمد، وأنَّه «معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية»، ويؤكدون القول بأن القرآن لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف، ويصفون القائل بالتحريف بأنه «مخترق أو مغالط أو مشتبه، وكلهم على غير هدى».[53] ويعتقدون «بوجوب احترام القرآن» و«وتعظيمه بالقول والعمل، فلا يجوز تنجيس كلماته حتى الكلمة الواحدة المعتبرة جزأ منه على وجه يقصد أنها جزء منه، كما لا يجوز لمن كان على غير طهارة أن يمس كلماته أو حروفه».[109]
ويوجه الاتهام للشيعة الإثني عشريَّة كثيراً بالقول بتحريف القرآن، بالرغم من تصريحهم وإصرارهم على عدم تحريف القرآن وقولهم بوجوب «الإيمان بكونه منزلاً من الله، وكونه معجزاً، وإنكاره والاستخفاف به كفر»،[110] واستند خصوم الشيعة الإثني عشريَّة إلى روايات موجودة في كتب الحديث المعتبرة عند الشيعة الإثني عشريَّة لا ينكرون اعتبارها، ولكنَّهم يوجهون معنى التحريف إلى تغيير التأويل وتغيير التفسير، وليس إلى تغيير الألفاظ والتغيير والتحريف أو الزيادة فيها، وقد ألَّف العديد منهم كتباً في نفي التحريف. ويوجه الاتهام للمحدِّث الشيعي حسين النوري الطبرسي صاحب كتاب فصل الخطاب الذي أورد فيه العديد من روايات التحريف، غير أنَّ تلميذه آغا بزرگ الطهراني «يصر على أن الميرزا النوري لم يكن معتقداً بمضامين هذه الروايات، ولم يكن معتقداً بكون القرآن ناقصاً ومحرفاً»،[111] وقد جاء إصراره في ذكره لكتاب أستاذه في موسوعة الذريعة الذي ذكر فيه أنَّ أحد علماء الشيعة قد كتبوا رداً على كتاب النوري، ولمَّا بلغ النوري الرد كتب رسالة في الجواب عن الاشتباهات الحاصلة في كتابه فصل الخطاب، وقال: «لا أرضى عمَّن يطالع (فصل الخطاب) ويترك النظر إلى تلك الرسالة». وذكر في أول الرسالة الجوابية أنَّ الاعتراض مبني على المغالطة في لفظ التحريف، فإنه مراده ليس التحريف التغيير والبديل، بل خصوص الإسقاط لبعض المنزل المحفوظ عند أهله، وليس مراده من الكتاب القرآن الموجود بين الدفتين،[112] ويقول بعض المعاصرين من علماء الشيعة الإثني عشريَّة أنَّه «لو سلمنا أنَّ الشيخ النوري يعتقد بنقصان القرآن، فهو قوله، لا قول الطائفة، قول الواحد لا ينسب إلى الطائفة».[111] والطهراني نفسه يؤكد في الذريعة على أنَّ «لا ريب في أنَّ القرآن الشريف المنزل إلى قلب سيد المرسلين Mohamed peace be upon him.svg بلفظ عربي مبين هو هذا المجموع بعين ألفاظه المنزلة من غير تصرف لأحد من البشر فيها بالضرورة من الدين الموضوع بين الدفتين، وهو كتاب الإسلام والحبل الممدود من مقدس شارعه إلى سائر الأنام».[113]
الحديث:
الحديث عند الشيعة : فهو كلامٌ يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره، وبهذا الاعتبار ينقسم إلى الصحيح ومقابله، وبهذا عُلم أن مالا ينتهي إلى المعصوم ليس حديثاً، وأما أهل السنة فاشترطوا انتهائه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأجل التمييز بين القسمين ربما يسمّون ما ينتهي إلى الصحابة والتابعين بالأثر.[114]
علم الدراية عند الإثنا عشرية : هو الذي يبحث عن العوارض الطارئة على الحديث من ناحية السند والمتن وكيفية تحمّله وآداب نقله وأدائه.[115]
الحديث عن طريق الآحاد : ولأن الحديث اعتمد في تحمّله ونقله الرواية الشفوية ثم الرواية التحريرية، ولقد جاء أكثر الحديث عن طريق الآحاد، وخبر الواحد ـ كما هو مقرر ومحرر في علم أصول الفقه ـ لا يفيد اليقين بصدوره عن المعصوم، فوضع العلماء ما يعرف بـ " علم الرجال " و" علم الحديث " لهذه الغاية.[116]
علم الرجال : هو العلم الذي يبحث فيه عن قواعد معرفة أحوال الرواة من حيث تشخيص ذواتهم، وتبيين أوصافهم التي هي شرط في قبول روايتهم أو رفضها.[117]
مواصفات الراوي المقبول روايته ومؤهلاته :
الإسلام : فلا تقبل رواية الكافر مطلقاً، أما قبول شهادة الذمي في باب الوصية في حق المسلم، فهو خارج بالدليل، وهو قول الله : ﴿يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ﴾ [5:106]، فقد فَسّرت الروايات قول القرآن : { أو آخران من غيركم } بالذمي.[118]
العقل : فلا يقبل خبر المجنون وروايته، وهو واضح وبديهي.
البلوغ : فلا يقبل خبر الصبي غير المميّز، وبالنسبة إلى المميّز فالمشهور عدم قبول روايته.
الإيمان : أي كون الراوي شيعياً إمامياً إثنا عشرياً[119].
العدالة : وهي كما يراه المشهور، عبارة عن ملكة نفسانية راسخة باعثة على ملازمة التقوى وترك ارتكاب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر، وترك منافيات المروءة التي يكشف ارتكابها عن قلة المبالاة بالدين، بحيث لا يوثق منه التحرّز عن الذنوب[120].
الكتب الأربعة هي موسوعات حديثية في الأوساط الشيعية، وتُعتبر من أهم المصادر الحديثية لديها، وهي :
1/ الكافي ألَّفه الشيخ أبو جعفر محمد بن يعقوب الكُليني، المعروف بـ " ثقة الإسلام الكُليني "، وهو من أبرز الفقهاء المُحدِّثين الإماميين وعَلَمٌ من أعلامها المتوفى سنة 329 هجرية يحتوي على 16000 حديث في العقيدة والشريعة الإسلامية، وهذا العدد يفوق عدد ما جاء من الأحاديث في الصحاح الستة جميعها وهذا الكتاب أفضل كتب الشيعة .
2/ من لا يحضره الفقيه الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المعروف بـ " الشيخ الصدوق " المولود في سنة : 305 هجرية بقم والمتوفى سنة 381 هجرية يحتوي على ما يقارب من 6000 حديث في الفقه والأحكام الشرعية
3/ تهذيب الأحكام الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المعروف بـ " شيخ الطائفة " المولود بخراسان سنة : 385 هجرية، والمتوفى بالنجف سنة 460 هجرية يحتوي على 13590 حديث في الفقه والأحكام الشرعية، وقد ألَّفه مؤلفه قبل كتابه " الاستبصار "
4/ الاستبصار فيما أختلف من الأخبار الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المعروف بـ " شيخ الطائفة " المولود بخراسان سنة : 385 هجرية، والمتوفى بالنجف سنة 460 هجرية يحتوي على 5511 حديث
المجموع الكُليني - القمي - الطوسي - الطوسي الوفاة 329 - 381 - 460 - 460 16000 + 6000 + 13590 + 5511 = 41101 حديث (واحد وأربعين ألف حديث تقريبا)
الصحابة وزوجات النبي :
يعتقد الشيعة أنَّ «حكم الصحابة في العدالة حكم غيرهم ولا يتحتم الحكم بها بمجرد الصحبة» فيعتقدون أن مجرَّد الصحبة «ليس كافياً في ثبوت العدالة بعد الاتفاق على عدم العصمة المانعة من صدور الذنب».[121] بل إنَّ في كتبهم المعتبرة روايات عن أئمتهم تصرَّح بارتداد معظم الصحابة، فيروون عن
«وممَّا عُدَّ من ضروريات دين الإماميَّة، استحلال المتعة وحجُّ التمتُّع، والبراءة من الثلاثة ومعاوية ويزيد بن معاوية وكل من حارب أمير المؤمنين أو غيره من الأئمة».[122]
يرى بعض علماء الطائفة الإثنا عشرية أن ليس كل من رأى وسمع عن الرسول -ص- هو صحابي عدل يجب سماع قوله. فهم يرون أنه إذا كان معنى الصحابي (كل من أسلم ورأى رسول الإسلام وسمع حديثه وآمن به حتى وفاته) فهذا معناه أنه ليس كل الصحابة عدول يؤخذ عنهم الحديث، ويشيرون أن القرآن الكريم يتحدث عن أناس يعيشون مع النبي ويصلون معه وقريبون منه ولكنه يصفهم بالمنافقين، ولم يذكر التاريخ أسمائهم بل إن النبي نفسه لم يخبر الأمة بالمنافقين الذين كان يعلم بنفاقهم.
وبالتالي فإن الشيعة الإمامية يخضعون بعض الصحابة للجرح والتنقيص والتكفير ويعتقدون أنهم بشر منهم الصالح ومنهم الطالح والمنافق كما أن سورة كاملة نزلت في المنافقين
ويؤمن الشيعة الإثناعشرية بأن هناك العديد من الصحابة الذين يؤخذ عنهم العلم والرواية ويجلونهم طبقا للروايات التي جاءت فيهم بأسانيد معتبرة عندهم ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: أبو ذر الغفاري، عمار بن ياسر، المقداد بن عمرو، سلمان الفارسي، أبو أيوب الأنصاري، جابر بن عبد الله الأنصاري (مروي عنه نسبة كبيرة من أحاديث الكافي ومن لا يحضره الفقيه)، حجر بن عدي، أسماء بنت عميس، الأرقم بن أبي الأرقم، مصعب بن عمير، زيد بن حارثة، عبد الله بن رواحة، خباب بن الأرت، عبد الله بن العباس، الفضل بن العباس، محمد بن أبي بكر، الحارث بن المطلب، مالك بن نويرة وغيرهم الكثير.[123]
في نهج البلاغة: قال علي بن أبي طالب في أصحـاب النبي ص فيصفهم لشيعته فيقول :
«لقد رأيت أصحاب محمد، فما أرى أحداً يشبههم منكم لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سجّداً وقياماً يراوحون بين جباهِهِم وخـدودهم ويقفون على مثل الجمر من ذكر معـادهم، كأن بين أعينهم رُكب المعزي من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبُلَّ جيوبهم، ومـادوا كمـا يميـد الشجـر يوم الريح العاصف، خـوفاً من العقاب ورجـاءً للثواب» – شريف الرضى، نهج البلاغة ص (225)
وأيضا في نهج البلاغة خطبة يشكوا فيها امر الخلافه
«أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلَانٌ وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَ لَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَ طَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَ يَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذًى وَ فِي الْحَلْقِ شَجًا أَرَى تُرَاثِي نَهْباً حَتَّى مَضَى الْأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فُلَانٍ بَعْدَهُ ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الْأَعْشَى شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا وَ يَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ
فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا وَ يَخْشُنُ مَسُّهَا وَ يَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَا وَ الِاعْتِذَارُ مِنْهَا فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ وَ إِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ فَمُنِيَ النَّاسُ لَعَمْرُ اللَّهِ بِخَبْطٍ وَ شِمَاسٍ وَ تَلَوُّنٍ وَ اعْتِرَاضٍ فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ وَ شِدَّةِ الْمِحْنَةِ حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ فَيَا لَلَّهِ وَ لِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَ طِرْتُ إِذْ طَارُوا فَصَغَا رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ وَ مَالَ الْآخَرُ لِصِهْرِهِ مَعَ هَنٍ وَ هَنٍ إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَ مُعْتَلَفِهِ وَ قَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ خِضْمَةَ الْإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ وَ أَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ وَ كَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَ النَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وَ شُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالْأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ وَ مَرَقَتْ أُخْرَى وَ قَسَطَ آخَرُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ بَلَى وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَ وَعَوْهَا وَ لَكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْ وَ رَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا أَمَا وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَ قِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَ لَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَ لَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا وَ لَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ قَالُوا وَ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ عِنْدَ بُلُوغِهِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ خُطْبَتِهِ فَنَأوَلَهُ كِتَأباً قِيلَ إِنَّ فِيهِ مَسَائِلَ كَانَ يُرِيدُ الْإِجَابَةَ عَنْهَا فَأَقْبَلَ يَنْظُرُ فِيهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لواطَّرَدَتْ خُطْبَتُكَ مِنْ حَيْثُ أَفْضَيْتَ فَقَالَ هَيْهَاتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَاللَّهِ مَا أَسَفْتُ عَلَى كَلَامٍ قَطُّ كَأَسَفِي عَلَى هَذَا الْكَلَامِ أَلَّا يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بَلَغَ مِنْهُ حَيْثُ أَرَادَ» – نهج البلاغة الخطبه3
تقول بعض روايات لدى الطائفة الإثنا عشرية أن الصحابة بعد وفاة النبي ص ارتدوا إلا ثلاثة، "فعن أبي جعفر عليه السلام: كان الناس أهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة، فقلت: من الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبوذر الغفاري وسلمان الفارسي". فروع الكافي للكليني، كتاب الروضة، ص115، وفي البحار ج 6: 749، وفي البرهان ج 1: 319، وفي الصافى ج 1: 305.، وقد ذكر علي بن إبراهيم القمي في تفسيره: (لم يبق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إلا نافق إلا القليل) تفسير القمي ص 186، لعلي بن إبراهيم القمي.
و استشهدوا لذلك بقوله تعالى ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [3:144]
العباس وعقيل : وهما أعمام الرسول ص ومن بني هاشم فقد التي ذكر محمد الباقر المجلسي "أنه يثبت من أحاديثنا أن عباسا لم يكن من المؤمنين الكاملين وأن عقيلا كان مثله (في عدم كمال الإيمان)". كتاب حيات القلوب، ج2، ص866، وكذلك أيضا ذكر المجلسي "روى الإمام محمد الباقر عن الإمام زين العابدين عليه السلام بسند معتمد أن هذه الآية (من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا)، فقال الإمام زين العابدين : نزلت في حق عبد الله بن عباس وأبيه". حياة القلوب، ج2، ص865
عمار وسلمان وأبوذر : فقد ذكر طبقتهم الكشي صاحب كتاب معرفة أخبار الرجال حيث قال: "قال أبوجعفر الباقر عليه السلام: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر، سلمان وأبوذر والمقداد، قال: قلت: فعمار؟ قال: قد كان حاص حيصة ثم رجع، ثم قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد، وأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض.. وأما أبوذر فأمره أمير المؤمنين بالسكوت ولم يكن تأخذه في الله لومة لائم فأبى أن يتكلم". معرفة أخبار الرجال (رجال كشي) ص8 لمحمد بن عمر الكشي.
وقد قام العلامة الخوئي المعاصر بتبيين معنى رويات ارتداد الصحابة وانه مأخوذ بالمعنى اللغوي وقال بأنها تتحدث عن الأشخاص الذين كانوا إيمانهم كامل تام لم ينقص قيد أنملة ولا تتحدث عن الارتداد بمعنى الكفر."
الفروع والأحكام :
الصلاة:
الزكاة:
الصوم:
الحج:
الخمس:
الجهاد:
الأمر بالمعروف:
النهي عن المنكر:
التولي:
التبري:
الفُتيا والمرجعية :
في الاعتقاد الشيعي أنَّ الأحكام ينبغي أن تؤخذ من المعصومين الأربعة عشر، وحيث أنَّهم يعتقدون بأنَّ الإمام الثاني عشر المهدي غائب الآن، ومنذ ابتداء عصر الغيبة الكبرى؛ بدأ الشيعة الإثني عشريَّة بالرجوع في أحكام الدين والفتاوى الشرعية إلى علماء الدين الذين تصدّوا للمرجعية والذين يعتقدون بأنَّهم نواب للإمام الغائب في وقت غيبته، وقد استمرَّ عصر الغيبة الكبرى إلى زماننا الحالي،4 فاستمر رجوع الشيعة إلى مراجعهم إلى الآن.[124]
حين يصل الشيعي إلى سن التكليف يتوجب عليه أن يعمل بالأحكام الشرعية ويتوصل للحكم الشرعي بإحدى ثلاث طرق؛ الاجتهاد والتي تعرَّف بأنها رتبة علمية يصل إليها المتخصص بالعلوم الدينية الحوزوية تؤهله لتحديد الأحكام الشرعية وبيانها استناداً إلى الأدلة المستخرجة من القرآن والأحاديث.[125] والطريق الثاني هو التقليد ومعناه أن يقلد أحد المجتهدين ويعمل بفتاواه وما توصل إليه اجتهاداته، وعوام الشيعة هم من المقلدين للمجتهدين، هذا والتقليد يكون في الحكم الشرعي الفقهي فقط، أما أصول الدين والعقائد فلا يُقلد فيها ويجب على المكلف أن يبحث فيها عن الدليل والبرهان باتفاق جميع المراجع.[126] والطريق الثالث هو الاحتياط ومعناه هو اقتضاء أن ينحو المكلّف طريق الحيطة في جميع أعماله وذلك بأن يأخذ بما يكون موافقاً للرأي الفقهي لجميع مراجع التقليد, وهذا يعني أن لا يترك واجباً أو يفعل محرماً على رأي أي واحد المراجع. فيكون بهذا قد عمل بشرائط الاحتياط ويكون على يقين من براءة ذمته فيما يتعلق بتكليفه الواقعي .
النظرة لبقية الطوائف الإسلامية :
اتفقت كل الطوائف الإسلامية على ثبوت حديث افتراق الأمة الإسلامية، ورووه مع اختلاف في الألفاظ ووحدة في المضمون، وقد رواه من الإثني عشرية مثلاً محمد بن الحسن الطوسي في كتابه الاقتصاد أن النبي محمد قال: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة؛ فرقة ناجية، والباقون في النار».[127] فكان من الطبيعي أن يعتقد الشيعة الإثني عشرية بأن مصير غيرهم من الطوائف إنّما هو إلى النار، كما تعتقد الطوائف الأخرى بذات الاعتقاد.
وكان القول المشهور بين المتقدّمين من علماء الشيعة أن غير الشيعي الإثني عشري يعد ناصباً كافراً تترتّب عليه أحكام الكفر، إلا أنهم استثنوا منه المستضعف، والذين عرَّفوه بأنه من يكون من الجهلة العوام الذين لا تكون لهم قابلية التفقه في العقيدة والدين. فكان هذا قول كثير من قدمائهم كالطوسي، وابن إدريس الحلي، ونور الله التستري، وأبو الحسن الفتوني، ويوسف البحراني،[128] وزين الدين بن علي الجبعي العاملي، ونعمة الله الجزائري، وغيرهم.
ثم أصبح المشهور بين علمائهم المتأخرىن الحكم بإسلام غير الشيعي الإثني عشري إسلاماً ظاهرياً فرتّبوا عليه أحكام الإسلام، وجعلوا فرقاً بينه وبين ”المؤمن“ وهو حسب اعتقادهم من يؤمن بإمامة الأئمة الإثني عشر. وقد تفرّع من ذلك قولهم بأن مخالفي الإثني عشرية ليس بنواصب ولا كفار - على عكس القدماء منهم -، وإنَّما الناصب الكافر هو من يجاهر بعداوة النبي محمد وأهل البيت قولا أو فعلا. وكان هذا قول ابن بابويه القمي المعروف بالصدوق، ومرتضى الأنصاري، وقد تبع الأنصاري غالبية مراجع الشيعة من عصره حتَّى الآن.
ومن عقيدة الإثناعشرية :
الرجعة
التقية
الغَيْبة
المتعة
الشعائر الحسينية :
الشعائر الحسينية هي شعائر دينية يمارسها المسلمون الشيعة لاستذكار معركة كربلاء ومقتل إمامهم الحسين بن علي بن أبي طالب، وغالباً ما تنشط ممارسة هذه الشعائر في شهري محرم وصفر حسب التقويم الهجري وبالأخص في يوم عاشوراء (10 محرم)، ويوم الأربعين (20 صفر). حيث أنِّ اليوم الأول هو اليوم الذي قتل فيه الحسين وحدثت المعركة، واليوم الثاني هو مرور أربعين يوماً على مقتل الحسين.
الانتشار الجغرافي :
يشكل الشيعة الإثني عشريَّة أغلبيَّة سكان بعض البلدان كإيران، والبحرين، وأذربيجان، والعراق (وفقاً لبعض الإحصائيات)،[129] وفي بعض البلدان هم من كبرى الطوائف كلبنان، والعراق (وفقاً لإحصائيات أخرى)، كما يشكُّلون أقليات كبيرة في بعض البلدان كالسعودية، والكويت، وپاكستان، وأفغانستان، والهند، وغيرها. ويتواجدون في بلدان أخرى يُشكّلون فيها أقليات صغرى، كقطر، والإمارات، وتركيا.
وفي السنوات الأخيرة انتشر التشيُّع الإثني عشري في البلدان التي ينعدم فيها الوجود الشيعي أو يوجد بنسبة صغيرة جداً، كالأردن،[130] ومصر،[131] وتونس،[132] والمغرب،[133] والسودان،[134][135] وماليزيا،[136] وغيرها، وكان للإعلام الشيعي والقنوات الشيعية الإثني عشريَّة أثر في هذا التمدد الشيعي في البلدان السنيَّة، فتأتي المطالب لإغلاق هذه القنوات التي تُبث عادة على قمر نايل سات المملوك للشركة المصرية للأقمار الصناعية،[137][138][139][140] ويصاحب التمدد الشيعي في البلدان السنيَّة عادةً مشاكل ونزاع بين الشيعة وبين المجتمع السني من جهة، وبين الشيعة والحكومة السنية من جهة أخرى.[141][142][143]
الهوامش :
إنَّ أغلب أهل أذربيجان من الشيعة الإثني عشريَّة لكنَّهم علمانيون غير ملتزمين، والغالبية منهم لا يفقهون من الإسلام إلَّا اليسير بسبب محاربة السوڤييت للدين طيلة عهدهم في البلاد.
2 - غالبيَّة علماء الشيعة الإثني عشريَّة يحترمون زيداً، ويسمُّونه بالشهيد، ويُلحقون عبارة (عليه السلام) بعد ذكرهم لاسمه، وقد وردت عندهم روايات في مدحه؛ بل ويروون روايات مناقضة للرواية التي استدل بها ابن تيمية، فمما رووه عن سدير أنَّه قال: «دخلت على أبي جعفر عليه السلام معي سلمة بن كهيل وجماعة، وعند أبي جعفر عليه السلام أخوه زيد بن علي، فقالوا لأبي جعفر عليه السلام: نتولّى عليا وحسنا وحسينا ونتبرّأ من أعدائهم؟ قال: نعم. قالوا: نتولى أبا بكر وعمر ونتبرّأ من أعدائهم؟ قال: فالتفت إليهم زيد بن علي فقال لهم: أتتبرؤون من فاطمة؟! بترتم أمرنا بتركم الله».[144]
4 - يعتقد الشيعة الإثني عشريَّة بغياب الإمام الثاني عشر المهدي غيبيتين؛ الأولى كانت الغيبة الصغرى وكان له سفراء يشكّلون حلقة التواصل بين المهدي وبين شيعته في مختلف الأقطار، فكانوا يحملون إليه رسائل شيعته ومحبيه وأسئلتهم، ثم يأتون إليهم بالجواب، ومن مهامهم أيضاً أنهم كانوا يستلمون الحقوق الشرعية - الأخماس - ويحملونها إلى المهدي أو يتصرفون بها حسب ما تقتضيه المصلحة. وقد استمر عصر الغيبة الصغرى من سنة 260 هـ حتى سنة 329 هـ. والسفراء الأربعة هم على التوالي: عثمان بن سعيد العمري، وابنه محمد بن عثمان العمري، والحسين بن روح النوبختي، وعلي بن محمد السمري. وبوفاة السفير الرابع علي بن محمد السمري؛ انتهى عصر الغيبة الصغرى فبدأ عصر الغيبة الكبرى حيث بدأ الشيعة بالرجوع إلى المراجع.[124]
6 - ليس موضوع المعاد الجسماني هو الخلاف الوحيد بين الشيخية وبقية الشيعة الإثني عشريَّة؛ وإنما هناك عدة أمور منها اتهام الأحسائي بإنكار المعراج الجسماني، واتهامات للأحسائي بالغلو في أهل البيت.