ربُنا تعالى حليم كريم عليم وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم
ولكنه سبحانه إذا غضب على شيء فإن غضبه يكون شديداً
يقول الله تعالى : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ) ﴿البروج: ١٢﴾
وإذا غضب الله على عبد فسيغضب عليه كل شيء
لاحظ في الفاتحة لما ذكر الله تعالى الغضب قال سبحانه :
(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) ﴿الفاتحة: ٧﴾لم يقل غير الذين غضبت عليهم
مع أنه قال قبلها
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) ﴿الفاتحة :٧﴾
لكن في الغضب اختلف الأمر قال غير المغضوب عليهم، جمع وليس مفرد
لمـــــــــاذا؟
لأن الله تعالى إذا غضب على عبد فكل شيء سيغضب عليه
(الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ﴿الفاتحة :٧﴾
الملائكة ستغضب عليه
السماوات ستغضب عليه
الجمادات
النباتات
كل شيء سيغضب عليه حتى الحيوانات !
يقول أحد الصالحين: "والله إني لأعرف أثر معصيتي إذا تغيرت أخلاق دابتي وزوجتي"
إي والله !
حتى البهائم تُحس بذلك !
لهذا قال تعالى
غير الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ﴿الفاتحة :٧﴾
وأحياناً يتنازل بعض الناس فيُغضب الله لكي يرضي بعض الأشخاص !
يفعل شيئاً ممنوعاً أو محرماً لكي يُرضي
مسؤوله في العمل
لكي يُرضي زوجته
لكي يرضي الزبون
سبحان الله !
هؤلاء الناس الذين يحاول أن يرضيهم هم أنفسهم سيغضبون عليه
هذا ليس كلامي هذا كلامه هو -صلى الله عليه وسلم-
قال -صلى الله عليه وسلم- : "ومن التمس رضا الناس بسخط الله
سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" حديث صحيح لغيره
سبحان الله مُجرب !
فإذا غضب الله على شيء فلن يُفلح أبدا ولو فعل ما فعل
إلا إذا ارتفع عنه هذا الغضب
وإذا زاد الإنسان من إصراراه على المعصية كان غضب الله تعالى أقرب وأشد
طيب كيف أرفع غضب الله عني؟
كيف أتعامل مع الله إذا غضب؟
هذا هو السؤال
كيف أتعامل مع الله إذا غضب؟
ربنا سبحانه مع أنه غاضب على العبد إلا أنه يُمهله ،يحلم عليه
مع أن حقه سبحانه أن يقتص ممن عصاه فوراً الآن
هذا حقه
إلا أنه يُعطيه فرصة هذه الفرصة تسمى مرحلة الإمهال
وهي مرحلة مؤقتة تعتبر محاولة له لكي يُرضي ربه بسرعة
قبل أن يحدث أي شيء
فمن كان منا يعيش هذه المرحلة الآن فليستغلها حق الاستغلال
وينتهز الفرصة قبل أن تنتهي هذه المرحلة
لأن هذه المرحلة (مرحلة الإمهال) إذا انتهت فسيدخل العبد
بعدها في مرحلة الانتقام
وإذا غضب الله على العبد فإنه لا ينتقم منه مباشرة بل يتركه
يعيش فترة الإمهال والحلم
ويتركه مع أنه غاضب عليه لعله أن يرجع لعله أن يترك معصيته
سبحان الله !
قد يكون ربي غضبان على العبد والعبد لا يشعروبعض الناس له
سنوات وهو يعيش في غضب الله
والذي يبقيه على قيد الحياة حلمه سبحانه لأنه صبور على الناس سبحانه
صبور حليم
فإن قال قائل:
كيف أعرف هل الله عز وجل غضبان عليّ أم لا؟
الجواب بسيط:-
إذا كان العبد مُصراً على المعصية فيُخشى عليه والله أن يكون ربنا فعلاً غضبان عليه
وإلا فالله تعالى ليس له ثأر ليأخذه من عبده كما يقول ابن القيم:
(ولو أهلك الله تعالى عباده جميعاً ما زاد ذلك في ملكه شيئاً)
بل إن رحمته سبحانه تَسبق غضبه كما حكم هو بذلك جل في علاه
طيب ماذا سيحدث إذا انتهت مرحلة الإمهال؟
إذا انتهت مرحلة الإمهال فستبدأ مرحلة الانتقام (أعوذ بـالله)
وهي مرحلة صعبة جداً
ولها أشكال عديدة
يختار الله تعالى منها ما شاء
كل عاصي بما يناسبه
طيب من كان في وسط غضب الله ماذا يفعل؟
عليك الآن أن تُعلن حالة الطوارئ التامة بسرعة قبل أن يحدث أي شيء
طيب ماذا أفعل؟
إذا أحسست أن الله غضب عليك توجد طريقة تُذهب هذا الغضب عنك
بحيث يعود الرضا إليك بعد أن فقدته
الحـــــــل
أن تبحث عن أحدٍ يخلصك من هذه الورطة
ولن تجد أحداً يخلصك إلا هو سبحانه
فهو الذي سيخلصك من هذا الغضب
كل شيء تفر منه عنه إلا الله فإنك تفر إليه
قال تعالى: ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّـهِ) ﴿الذاريات: ٥٠﴾
أرأيـــــــــــــــت؟
أرأيت كيف أن التعامل مع الله يختلف تماماً عن التعامل مع غيره
كيف هو سيخلصني؟
كيف ؟
سيخلصك من غضبه إذا لجأت إليه هو وحده
ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك" حديث صحيح
فتستعيذ به منه بلا واسطة ولا شيء
وهذ لا يوجد مع أي أحد آخر إلا مع الله
ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أذكى الخلق وأعرف الناس بالله
كان يستخدم هذا الأسلوب فيقول في دعائه:
"أعوذ برضاك من سخطك" حديث حسن
طبعاً هكذا تكون الدقة في اختيار الكلمات
(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ﴿غافر: ٦٠﴾
قل له .. كلمه بكل مشاعرك وأحاسيسك .. كلمه من كل قلبك
قل له .. يا ربي لا تغضب عليّ يا رب ارض عنيّ يا رب ليس لي سواك
قل له .. يا ربي إن لم يكن بك عليّ غضبٌ فلا أبالي
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك
كلمه .. قل له .. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
صدقني سيرضى عنك
صدقيني سيرضى عنكِ أنتِ أيضاَ
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )﴿البقرة: ١٨٦﴾
فإذا لم نطلب منه ذلك ولم نسأله أن يرضى عنا فسوف يزيد غضبه سبحانه
قال -صلى الله عليه وسلم- : "من لم يسأل الله غضب الله عليه"حديث حسن
وربنا سبحانه يعلم ذلك يعلم أن العبد إن لم يطلب منه فسوف يغضب عليه
والعبد لا يُطيق هذا الغضب .. لا يقدر عليه