------------------------------
فضل الصلاة ومكانتها في الاسلام
ما هي الصلاة ؟ الصلاة في اللغة: الدعاء، ومن ذلك قوله تعالى ﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ﴾ [التوبة:103] أي ادعُ لهم .
ومنه أيضاً ما جاء في حديث ( إذا دُعي أحدكم فليجب ) يعني إذا دعي إلى وليمة ( إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصلي ) يعني فليدعو لأهل الطعام (وإن كان مفطراً فليطعم ).
أما الصلاة في الشرع: فهي التعبد لله - عز وجل – بأقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالكتبير مختتمة بالتسليم .
المراد هذه الصلاة المشتملة على التكبير، المشتملة على القراءةط ، المشتملة على الركوع والسجود والذكر والدعاء والتسبيح إلخ، تفتتح بتكبيرة الإحرام وتختتم بالتسليم .
لماذا سميت صلاة ؟ قالوا: لاشتمالها على المعنى اللغوي للصلاة وهو الدعاء .
- مكانة الصلاة في الإسلام: للصلاة في الإسلام منزلة عالية ومكانة رفيعة وأهمية كبرى ومما يدل على ذلك ما يأتي :
1) أن الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين . والدليل على هذا: الأحاديث التي بينت أركان الإسلام ورتبتها وجعلت الصلاة في المرتبة الثانية، مثل حديث ابن عمر - رضي الله عنها – ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ) هذا الركن الأول شهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم – (وإقام الصلاة) ثم ( إيتاء الزكاة و صوم رمضان و حج البيت )
.
إذاً: الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
2) أن الصلاة أفضل الأعمال بعد التوحيد، التوحيد هو أفضل الأعمال ولكن يأتي في المرتبة بعده هذه الصلاة العظيمة وقد رتب على الصلاة فضائل عديدة ومنافع كثيرة سيرد بعد قليل ذكر شيء منها .
مما يدل على أهمية هذه الصلاة وعظم مكانتها: أنها عمود الإسلام وقد سماها عمود الإسلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم – كما جاء في الحديث ، حديث معاذ ( رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة ) والحديث صحيح .
مما يدل على أهمية هذه الصلاة العظيمة: أنها الفاصل بين المسلم والكافر ، العلامة الظاهرة التي يفرق بها بين المسلم والكافر هي هذه الصلاة العظيمة، المحافظ على هذه الصلاة مسلم ، والذي يتركها أو يجحد وجوبها كما سيأتي ليس من الإسلام في شيء.
مما يدل على أهميتها أنها فرضت في السماء ، بينما باقي الواجبات فرضت في الأرض، أنزل الله - تبارك وتعالى – بها أي الواجبات الأخرى جبريل - عليه السلام – بينما الصلاة فرضت ليلة المعراج في السماء بغير واسطة .
أنها فرضت أول ما فرضت خمسين ثم خفف الله - تبارك وتعالى – عن هذه الأمة فأنزلها إلى خمس ولهذا يقولون: الصلاة خمس ولكنها في الميزان خمسون .
الصلاة: آخر وصية وصى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أمته وهو في النزع الآخير يقول: ( الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) .
الصلاة: آخر ما يفقد من الدين ولهذا يقولون: إذا ضاعت الصلاة ضاع الدين كله .
الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، لقول الله - تبارك وتعالى - ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾[العنكبوت:45] .
وحقاً إن الصلاة مما ينهى عن الفحشاء والمنكر وكيف لا تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر والمسلم في هذه الصلاة يقف بين يدى الله - تبارك وتعالى – يناجيه ويدعوه ويستغفره ويسبحه ؛ ولهذا فالصلاة مما يقوي الإيمان في القلب ومما يقوي الصلة بالله - عز وجل – .
مما يدل على أهمية هذه الصلاة: أنها اشتملت على عبادات متنوعة، اشتملت على عبادات متنوعة فيها الذكر من تكبير وتهليل وتسبيح واستغفار، فيها القراءة ، فيها الركوع والسجود إلى آخره .
الصلاة سبب لطمأنينة القلب وهدوء النفس سبب للسكينة والراحة ولهذا يقول الله - تبارك وتعالى - ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة:45] .
جاء في أحاديث ما يدل على ذلك أيضاً ما يدل على أن الصلاة راحة للقلب واطمئنان للقلب وهدوء للنفس ولهذا يقول - صلى الله عليه وسلم – ( أرحنا يا بلال بالصلاة ) أرحنا: عندما يحس الإنسان بالتعب،عندما يحس بالهم والغم يجد راحته في هذه الصلاة، وهذا شيء مجرب عندما يعتري الإنسان الهموم والكدر النفسي والغم ويذهب فيتوضأ ويحسن الوضوء ثم يقف بين يدي الله - عز وجل – في هذه الصلاة سواء كانت هذه الصلاة فريضة أو كانت الصلاة نافلة يصلي ركعتين يخشع فيهما يؤديهما على الوجة الأكمل يجد بعد أن يسلم من هذه الصلاة وكأن حملاً قد أخذ من على ظهره . وكأن حملاً قد أزيح عن قلبه وكاهله .
ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم – إذا فزعه أمر أو حزبه أمر فزع إلى الصلاة ويقول: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) .
رتب الله - تبارك وتعالى – على هذه الصلاة فضائل عديدة ومنافع كثيرة وفوائد لا تحصى منها :
أنها تكفير للخطايا ورفعة للدرجات وقد دل على ذلك أحاديث منها قوله - صلى الله عليه وسلم – ( ألا أدلكم على ما يحمو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذالكم الرباط فذالكم الرباط ) .
﴿ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود:114] هذه الآية تدل على أن إقامة الصلاة مما يذهب السيئات، على أن إقامة الصلوات في النهار والليل - والمقصود الصلوات الخمس هذه - مما يذهب السيئات يعني يحمو الخطيئات .
ويدل على هذا أيضاً قوله - صلى الله عليه وسلم – ( أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات أكان يبقي من درنه شيء؟ ) يعني من قذره ووساخته هل الاغتسال من هذا النهر الجاري أمام الباب خمس مرات في اليوم يبقي أثراً للقذر أو للوسخ؟ لا. قال: ( ذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ) .
إذاًَ: المحافظة على هذه الصلوات مما يمحو الخطيئات ويرفع الدرجات، المحافظة على هذه الصلوات سبب لدخول الجنة، كما في حديث ربيعة بن كعب، لما سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – مرافقته في الجنة،قال: يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنة. قال: ( أعني على نفسك بكثرة السجود ) .
الصلاة نور للوجه كما في حديث ( والصلاة نور ) .
ولو بقينا نعدد فضائل هذه الصلاة ومنافعها لما كفانا درس اليوم ؛ أمرها عظيم ، وشأنها كبير، وفوائدها لا تحصى .
ولهذا أوجِّه نداءً إلى كل مسلم من خلال هذا المنبر في جميع أرجاء الأرض: أن يعتني بشأن هذه الصلاة ؛ لأن الناظر في أحوال المسلمين للأسف الشديد اليوم، يجد تساهلاً في شأن الصلاة مع أهمية هذه الصلاة ومع مكانتها ومع عظيم منافعها وفوائدها وفضائلها، فحري بالمسلمين اليوم- وقد تكالب عليهم الأعداء وقد تكالبت عليهم الهموم والغموم- أن يلجأوا إلى هذه الصلاة، وسيجدوا فيها - إن شاء الله تعالى- ما يعيد إليهم سكينتهم وراحتهم وقوتهم واطمئنانه